مقابلة معالي وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور أحمد عوض بن مبارك مع صحيفة فورميكي الإيطالية

مقابلة معالي وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور أحمد عوض بن مبارك مع صحيفة فورميكي الإيطالية:

إلى أين وصلتم مع الحوثيين في المفاوضات، وفي المبادرة التي أطلقتها السعودية؟

رحبت الحكومة اليمنية بالمبادرة السعودية المكونة من أربعة نقاط من منطلق حرصها على إنهاء الانقلاب والحرب وتخفيف الأزمة الإنسانية التي يعانيها الشعب اليمني، وقد تعاملنا بكل إيجابية مع الجهود التي يبذلها المبعوث الخاص للأمين العام مارتن غريفيث والمبعوث الخاص الأمريكي تيم ليندركينج. بالمقابل هناك ردود متناقضة من قيادات المليشيات الحوثية ترفض المبادرة السعودية، كما تستمر المليشيات بالتصعيد العسكري في محافظة مأرب وتقصف مخيمات النازحين والأحياء السكنية بالصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية وتواصل استهداف الأعيان المدنية في المملكة العربية السعودية، ما يؤكد أن هذه المليشيات لا تملك قرارها وإنما هي أداه إيرانية لتنفيذ مشروع إيران التوسعي في اليمن والإقليم.

كيف تقيمون قصف الحوثي لمارب وتعز وغيرها وكذلك استهداف مناطق سعودية بالطائرات المسيرة والصواريخ؟
عقيدة العنف والحرب والعدوان متأصلة في الحركة الحوثية وتمتد الحرب الحوثية على اليمنيين لسبعة عشرة سنة مضت ولا يتوقع من هذه الحركة سوى الاستمرار في العنف والعدوان واستهداف الأحياء السكنية ومخيمات النازحين والاعيان المدنية. وتجدر الإشارة الى أن الحركة الحوثية تؤسس لدورة مستقبلية من العنف من خلال تغيير مناهج التعليم، ونشر أفكار هدامه وتربية الأطفال على كراهية الآخر واستعدائه كما تقيم مليشيا الحوثي مخيمات صيفية للأطفال لتكريس أفكارها الشمولية والعنصرية ونشر خطاب الكراهية.
فهذه حركة لا يقتصر خطرها على اليمن والاقليم فحسب بل أن ما تحمله من أفكار شمولية وعنصرية يجعلها تهدد الامن والسلم في العالم.

سلمتم مجلس الأمن تقريرا اتهمتم فيه الحوثيين بالتعاون مع تنظيمي داعش والقاعدة، هل هناك أي تجاوب من مجلس الأمن؟
العلاقة بين الحوثيين والتنظيمات الإرهابية هي امتداد لنفس العلاقة بين النظام الإيراني وتلك التنظيمات، والتقرير الذي أشرتم اليه هو أول تقرير من نوعه تسلمه الحكومة اليمنية إلى مجلس الأمن، وليس بالضرورة أن يكون هناك تجاوب مباشر مع التقرير، ولكن ما يهم في الأمر هو الاستمرار في كشف تلك العلاقة وخطورتها على اليمن والإقليم والسلم والأمن الدوليين وطبيعة هذه الجماعة الإرهابية التي لم تترك محرما أو محظورا إلا استخدمته لتحقيق أهدافها السياسية، ونأمل أن يدرك المجتمع الدولي خطورة هذه الجماعة.

على أي أساس قام التعاون بين الحوثيين والتنظيمات الإرهابية؟
هناك علاقة تعاون وتخادم بين الحوثيين والتنظيمات الإرهابية حيث يعتبران الحكومة اليمنية عدوا مشتركا لكليهما، فبمجرد سيطرة المليشيات الحوثية على مؤسسات الدولة بما فيها جهازي الاستخبارات (الأمن السياسي والأمن القومي) استولت المليشيات على كافة المعلومات في الجهازين وقامت بالتلاعب بتلك المعلومات واستغلالها لبناء علاقة وثيقة مع عناصر تنظيمي القاعدة وداعش، وقد شمل التعاون بين المليشيات وهذه التنظيمات الإرهابية التعاون الأمني والاستخباراتي، وإطلاق عناصر تلك التنظيمات لتنفيذ عمليات إرهابية في مناطق الحكومة، وتوفير ملاذ آمن للعديد من أفراد هذه التنظيمات الإرهابية، وتنسيق العمليات القتالية في مواجهة قوات الشرعية، وتمكين عناصر التنظيمات الإرهابية من تشييد وتحصين معاقلها، وإصدار وثائق مزورة لعناصر من القاعدة وداعش.

الحكومة اتهمت سابقا الأمم المتحدة بالتقاعس، وهناك شخصيات اتهمتها كذلك بدعم الحوثيين، كيف تقيمون هذه الاتهامات؟
نحن في الحكومة نقدر الدور الذي تقوم به الأمم المتحدة في اليمن وخاصة دورها الإنساني، ولكن رافق هذا الدور الكثير من القصور والإشكاليات الحقيقية، والأمر مرتبط بدرجة أساسية بتواجد المقرات الرئيسية للأمم المتحدة في صنعاء الواقعة تحت سيطرة المليشيات الحوثية، حيث اتخذت المليشيات تلك المكاتب والموظفين كرهائن لديها تفرض عليهم ما تريد من سياستها، ومن يرفض توجهاتها تقوم بطرده، كما فرضت على المنظمات تقديم اعتمادات ومبالغ مالية لما يسمى “المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية” (SCMCHA)، وهناك جوانب فساد كبيرة تقوم الأمم المتحدة بالتحقيق بشأنها، وقد كشفت عنها وكالة اسوشيتد برس في أغسطس 2019، ولدينا الكثير من الشكاوي من ممثلي المنظمات الدولية الذين طردتهم المليشيات بسبب رفضهم الخضوع لإملاءات المليشيات. ولدينا مثال حي وهي بعثة UNMHA في الحديدة حيث عطلت عملها المليشيات الحوثية وجعلت منها مجرد رهينة لا تستطيع التحرك أو القيام بأي مهام.
مقابل ذلك، لم تقم تلك المنظمات بدورها الحقيقي في محافظة مأرب التي تأوي اكثر من 2 مليون من النازحين الذين فروا من بطش وعنف المليشيات، حيث لا يزال دور المنظمات في المحافظة متواضع جدا رغم الاحتياجات الكبيرة والملحة، بسبب تحكم المليشيات في صنعاء بالمساعدات المخصصة لمحافظة مأرب. كما لم تدن تلك المنظمات الهجمات المتكررة للمليشيات على مخيمات النازحين في مأرب والأمر أيضا مرتبط بتواجد المراكز الإعلامية للمنظمات في صنعاء والتي تدار من قبل موظفين محليين فرضتهم المليشيات الحوثية، وهنا يمكن تفسير صمت المنظمات عما جرى ويجري للمهاجرين الأفارقة في صنعاء وعما يجري في مأرب مقارنة بصوتها المرتفع الذي لعب دورا مهما في منع تحرير محافظة الحديدة من ايدي المليشيات نهاية العام 2018.
لقد طالبنا مرار بإنهاء المركزية وإنشاء مراكز مستقلة عن صنعاء للإغاثة في مأرب وغيرها من المحافظات بعيدا عن تحكم وسيطرة المليشيات الحوثية، كما ناشدنا المنظمات بنقل مقراتها إلى مناطق الحكومة لتقوم بخدمة كل اليمنيين دون تأثير وتحكم المليشيات الحوثية، ودون تحقق ذلك سوف تستمر المليشيات بنهب المساعدات و ستسمر معاناة اليمنيين.

الى أي نقطة وصلتم في المواجهات العسكرية مع الحوثيين وهل خيار الحسم العسكري ما زال قائما، أم هناك بوادر للسلام؟
خلال العامين الماضين لم تهاجم القوات الحكومة أي نقطة عسكرية حوثية أملا في تحقيق السلام، وموقف الجيش الوطني دفاعي ويقتصر على صد هجمات الانقلابيين الحوثيين، وما زالت المليشيا الحوثية مستمرة في عدوانها وهجومها على محافظة مارب، ولكنه هجوم عبثي لا ينتج عنه سواء مزيدا من الدماء واعداد كبيرة من القتلى في صفوف المليشيا مع عجز كامل عن تحقيق أي تقدم على الأرض، فتلجأ الى استهداف المدنيين ومخيمات النازحين بالصواريخ الباليستية، وموقف المليشيا مازال متعنت وتعرقل جهود إحلال السلام.

مازال الحوثي يستهدف النازحين في مارب وغيرها بحسب اعلامكم، هل لديكم أدلة دقيقة عن ذلك، وهل سلمتم هذه الأدلة لمجلس الأمن والمنظمات ورفعتم قضايا ضد الجماعة في المحاكم الدولية؟
نعم لدينا أدلة دقيقة تثبت استهداف مليشيا الحوثي للنازحين وتتمثل بـ :
1- مقاطع فيديو للقصف وسط مخيمات النازحين.
2- شهادات النازحين أنفسهم.
3- عدم إخفاء مليشيا الحوثي لاستهداف المخيمات وتبرير ذلك كذبا بأن الجيش اتخذ من النازحين دروعا بشرية وهذا الكلام عار عن الصحة ومنظمة الهجرة الدولية موجودة في مارب وتشرف على تلك المخيمات وكذلك قام مدير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الاوتشا بزيارة مارب وزار تلك المخيمات كما قام المبعوث السويدي الى اليمن بيتر سيمنبي بزيارة مخيمات النازحين ونؤكد أن المخيمات بعيدة عن مناطق المواجهات وتستهدفها مليشيا الحوثي بالصواريخ الباليستية.
وبالنسبة للشق الثاني من السؤال سيتم تسليم فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات في مجلس الامن كافة الأدلة التي تثبت تورط مليشيا الحوثي بالهجوم على مخيمات النازحين، كما سبق وثبت قبل ذلك أن مليشيا الحوثي هي من شن الهجوم الإرهابي على مطار عدن الدولي مستهدفة إبادة حكومة الكفاءات السياسية عند وصولها لمطار عدن الدولي حيث خلف الهجوم عشرات القتلى والجرحى من المدنيين، وكذلك تم اثبات أن مليشيا الحوثي هي من أحرقت المهاجرين الافارقة في مراكز اعتقال تعسفية وغير قانونية في العاصمة صنعاء وذلك بعد ان كانت مليشيا الحوثي تنكر ضلوعها ومسؤوليتها عن تلك الانتهاكات كما هو دابها في انكار مسؤوليتها عن جرائم استهداف المدنيين وقنص الأطفال و الانتهاكات البشعة التي ترتكبها بحق النساء والمعارضين السياسيين في المعتقلات.

يتحدث يمنيون عن الأداء الضعيف للدبلوماسية والاعلام اليمني التابع للحكومة الشرعية، ما هو تقيمكم لذلك؟
واجهت الدبلوماسية اليمنية منذ البدء السرديات المغلوطة التي تصف مسار الأحداث في اليمن كتلك التي تصفها بانها حرب سعودية على اليمن او انها حرب بين الشيعة والسنة وغير ذلك، متجاهلة مقدمات ومسببات الحرب الحقيقية وعادة ما تقفز الى النتائج دون معرفة الاسباب محولة الملف اليمني من ملف سياسي سببه الرئيسي الانقلاب والتمرد على الشرعية والتوافق الوطني وعلى الثوابت الوطنية الى ملف أزمة إنسانية فقط .
وعملت الدبلوماسية اليمنية منذ بداية الانقلاب على التعامل مع هذه التحديات لإظهار الحقيقة كما هي، ولإظهار البعد العقائدي والفكري الشمولي لمليشيا الحوثي، وهناك العديد من النماذج في العديد من عواصم العالم المهمة التي حققت فيه الدبلوماسية اليمنية نجاحات وحضور ملموس، وفي احيان كثيرة يكون النجاح الدبلوماسي ليس فقط في الانشطة والمجالات المغطاة اعلاميا ولكن الاهم تلك غير المغطاة او الظاهرة اعلاميا .
لكني كذلك اعتقد ان هناك محطات وسفارات بحاجة دون ادنى شك لتحسين اداءها والتعاطي مع التحديات بصورة افضل ونحن بصدد ذلك.
بالتأكيد ليس هناك كمال في الأداء وهناك قصور، والمؤسسة الدبلوماسية جزء من مؤسسات الدولة التي تأثرت بالانقلاب، ومع ذلك ظلت متماسكة وتعمل على مواجهة الانقلاب وتدافع عن مشروع استعادة الدولة وتسعى بجهد لحشد الدعم الدولي والإقليمي لتوجهات الحكومة الشرعية لتحقيق السلام وإعادة الاستقرار إلى اليمن رغم التحديات المالية التي تواجه البعثات والحكومة اليمنية بشكل عام.

ماذا تطلبون من المجتمع الدولي وكيف يمكن للاتحاد الأوروبي ان يشترك في المفاوضات؟
المساعدة في حل الازمة اليمنية تتطلب من المجتمع الدولي ممارسة اقصى الضغوط على مليشيا الحوثي للكف عن انتهاج العنف لتحقيق مكاسب سياسية والجلوس على طاولة المفاوضات، وذلك يتطلب كذلك ممارسة ضغوط حقيقية على النظام الإيراني لوقف تهريب السلاح لمليشيا الحوثي والالتزام بقرار مجلس الامن 2216 بشأن عدم تقديم المساعدة للانقلابيين.
وبالنسبة للاتحاد الأوروبي فنحن نطالبه بإقامة شراكة حقيقية مع الحكومة اليمنية ودعمها بكل السبل الممكنة لتحقيق السلام الشامل والدائم في اليمن.
كما أود أن الفت انتباه الحكومة الإيطالية الصديقة الى قضية مهمة ضمن القضايا المتعددة في الملف اليمني وهي قضية خزان النفط صافر الذي يشكل تهديدا بيئيا كبيرا على البحر الأحمر الذي يشترك في بيئة بحرية واحدة مع البحر الأبيض المتوسط و البحار المجاورة، فالخزان يحتوي على أكثر من مليون برميل من النفط الخام وهو خزان متهالك وبالإمكان ان يحدث تسريب أو انفجار في أي وقت، وترفض مليشيا الحوثي السماح لفريق فني أممي الوصول الى الخزان لتقييم وضعه واجراء الإصلاحات الأولية، وذلك وفقا لما دعا له مجلس الامن في جلسه خاصة بتاريخ 15 يوليو 2020، ونتمنى أن نرى انخراطا اكبر من الحكومة الإيطالية في هذا الملف والتحرك على مستوى الاتحاد الأوروبي للضغط على مليشيا الحوثي لمعالجة هذه المسالة ونزع فتيل كارثة إنسانية وبيئية واقتصادية على اليمن والمنطقة والدول الأوروبية المشاطئة للبحر الأبيض المتوسط والبحار المجاورة.

رابط المقابلة في صحيفة فورميكي