الدبلوماسية الألمانية في المنطقة العربية

الدبلوماسية الألمانية في المنطقة العربية

لؤي يحيى الارياني

نائب رئيس البعثة – برلين

 

تتمتع المانيا بعلاقات مميزة وقوية مع الدول العربية، وذلك يرجع الى الدور الإيجابي والشراكة القوية في القضايا التنموية واهتمامها بدعم الدول العربية في مختلف المجالات، خاصة تلك الدول التي تشهد أزمات واوضاعا صعبة ، ومن الملاحظ للمتابعين والمهتمين زيادة نشاط وفاعلية الدبلوماسية الألمانية في قضايا المنطقة العربية خاصة في الفترة الأخيرة.

ينظر الى المانيا في المنطقة بأنها دولة صديقة ومواقفها متوازنة وتحظى بالثقة على المستوى الرسمي والشعبي، وأكثر المواقف التي تحظى باحترام وتقدير في المنطقة موقفها من القضية الفلسطينية حيث ان المانيا تقف بقوة مع حق الشعب الفلسطيني في دولته و موقفها المعلن والصريح ضد التوسع في المستوطنات و لألمانيا تصريحات رسمية عديدة في الفترة الأخيرة تشجب فيها عمليات التوسع وترفض أي حل خارج نطاق حل الدولتين .

كما ان الموقف الألماني المعروف حيال الازمة في سوريا واستقبال مئات الالاف من اللاجئين السوريين بكل احترام وترحيب مثل احد اهم أسباب الاحترام والثقة التي تشعر بها شعوب المنطقة وحكامها حيال المانيا، وبرغم كل الصعوبات والانعكاسات الداخلية الا ان المانيا لم تتردد في القيام بدورها الإنساني حيال هؤلاء اللاجئين، كما ان موقفها السياسي تجاه الوضع في سوريا ينسجم بصورة كبيرة مع مواقف الدول العربية الرسمي وقد صرحت المانيا مؤخرا برفضها للتدخل التركي في شمال سوريا ووصف وزير خارجيتها السيد هايكو ماس ما حدث بانه غزو وبأنه خارج عن اطار القانون الدولي.

تحقق المانيا مؤخرا نجاحات كبيرة و ملحوظه في مساعيها الحميدة في كل من السودان وليبيا، وقد لعبت دورا كبيرا في دعم الحل السياسي في السودان و تعتبر حاليا من اكثر الدول التي تبدي استعدادها لدعم السودان في المرحلة المقبلة وقد كان وزير الخارجية هايكو ماس اول وزير خارجية يزور السودان عقب الوصول للاتفاق السياسي وصرح رسميا بوقوف المانيا مع السودان ودعمها لها سياسيا وتنمويا.

وفي ليبيا تحقق الدبلوماسية الألمانية اختراقا مهما ومؤثرا بنجاحها في الترتيب لعقد قمة في برلين قبيل نهاية الخريف للوصول الى حل للازمة الليبية مبني على أساس جهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص الى ليبيا السيد غسان سلامة، وتجري مباحثات ومفاوضات عبر فريقها التفاوضي لضمان خروج القمة المقبلة بنتائج جيدة ومؤثرة وأعلنت حرصها على ان لا تكون القمة تحرك شكلي وانما للخروج بالفعل بنتائج مميزة، وفي زيارته الأخيرة للمنطقة حرص وزير الخارجية الألماني على زيارة ليبيا أيضا برغم المحاذير الأمنية.

وفي اليمن، تلعب المانيا دورا كبيرا ومشكورا في مجال المساعدات الإنسانية حيث وصلت المساعدات الألمانية الإنسانية لليمن الى 120 مليون يورو مما يجعلها في مصاف أولى الدول التي تقدم المساعدات الإنسانية لليمن، وتكاد تكون الدولة الوحيدة التي لازالت مكاتبها الرسمية تنشط في اليمن مثل GIZ التي كانت تقوم بمشاريع تنموية كبيرة في اليمن، كما استضافت المانيا مؤتمرا دوليا في شهر سبتمبر 2019 للمانحين الدوليين لليمن وقد شارك فيه معالي نجيب العوج وزير التخطيط والتعاون الدولي و السفير أ.د يحيى الشعيبي سفير بلادنا لدى المانيا، وهو ما يعكس الاهتمام الألماني الكبير باليمن خاصة في الشق الإنساني الذي تسبب به الانقلاب المشؤوم.

بالإضافة الى ذلك، فان للدبلوماسية الألمانية دور نشط في دعم المسارات السياسية للقضية اليمنية، وتقدم دعما كبيرا للمبعوث الخاص لليمن وتعمل عبر منظماتها المتخصصة وخاصة منظمة بيرجهوف على تيسير وتنظيم لقاءات لسياسيين يمنيين تبحث فيها القضايا السياسية المهمة في الشأن اليمني وهو ما يستفيد مكتب المبعوث الخاص من مخرجاته ومن النقاشات التي تدور في هذه الفعاليات.

الموقف الألماني من الوضع في بلادنا معلن وصريح وواضح، تقف المانيا مع القرارات الأممية ومع استعادة الدولة وانهاء الانقلاب، و تؤكد بصورة دائمة على اعترافها بفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيسا شرعيا للجمهورية اليمنية وبالحكومة الشرعية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب اليمني، وتعلن بوضوح انها مع الحل السلمي و انها تدعم في ذلك جهود ومساعي المبعوث الخاص للامين العام للأمم المتحدة.

ان الدبلوماسية الألمانية النشطة، والمهتمة بصورة إيجابية بالمنطقة العربية وببلادنا، هي دبلوماسية تحوز على التقدير والثقة وبإمكانها تقديم المزيد ولديها الرغبة في تقديم المزيد في كل ما يصب في انهاء الازمات والحروب في المنطقة، فأحد اهم اهداف السياسة الخارجية الألمانية هو الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط لما يمثله هذا من تأثير مباشر على المانيا وأوروبا في مختلف النواحي.

نجاحات الدبلوماسية الألمانية في المنطقة خاصة في الفترة الأخيرة هي رسالة بأن لنا أصدقاء نستطيع ان نعتمد عليهم، وفي اليمن بالذات هذه الصداقة قديمة وعريقة، صداقة مبنية على المحبة والتعاون، وعلاقة تحرص المانيا واليمن على ان تستمر وتزدهر وان تحرز مستقبلا المزيد من النجاحات والنتائج الإيجابية.