مقال السفير هيثم شجاع الدين لمجلة Diplomacy and Commerce النمساوية: “تمديد الهدنة في اليمن في ظل استمرار حصار مدينة تعز”

تمديد الهدنة في اليمن في ظل استمرار حصار مدينة تعز

بقلم السفير هيثم شجاع الدين

 

 مدينة تعز هي مدينة يمنية تقع جنوب غرب اليمن والى الجهة الجنوبية من العاصمة صنعاء، وتبعد عنها بحوالي (256) كيلو متراً ، كما تبعد 175كيلو متراً عن العاصمة المؤقتة عدن وتحتل محافظة تعز المرتبة الأولى من حيث عدد السكان في الجمهورية، إذ يشكل سكانها ما نسبته (12.2%) من سكان الجمهورية.

يطبق الحوثيين حصار على مدينة تعز منذ سبع سنوات عند أهم منافذ المدينة، وهو منفذ الحوبان شرق المدينة المغلق من قِبل ميليشيات الحوثي المدعومة من ايران بالإضافة الى اغلاق كافة منافذ المدينة في جميع الجهات و تتواصل معاناة أهالي تعز المحاصرة، حيث يضطر السكان ان يسلكون طرقاً طويلة ضيقة للتنقل وتوفير احتياجاتهم من الغذاء وأغلبها غير معبّدة تلتف حول المدينة والجبال المحيطة بها هرباً من الحصار، وتختنق يومياً بمئات السيارات والشاحنات والحافلات، وتقع فيها حوادث سقوط وتعثر؛ ما يؤدي إلى ضحايا في صفوف المدنيين بالإضافة الى معاناتهم الانسانية.

دخلت الهدنة الأولى في اليمن حيز التنفيذ في الساعة السابعة بالتوقيت المحلي من مساء يوم السبت الموافق 2 ابريل 2022م وفي بيان صادر بهذه المناسبة في حينه، رحب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، بردود الفعل الإيجابية من جميع الأطراف على الهدنة التي ستستمر لمدة شهرين وبحسب ما جاء في بيان السيد غروندبرغ، (فإن جميع العمليات العسكرية الهجومية برا وجوا وبحرا، تتوقف بدء من الليلة ) لكن مع الأسف لم تلتزم مليشيا الحوثي بوقف التصعيد.

تضمنت بنود اتفاق الهدنة تيسير دخول 18 سفينة تحمل الوقود إلى موانئ الحديدة، والسماح برحلتين جويتين من وإلى مطار صنعاء كل أسبوع ( إعادة فتح مطار صنعاء الدولي الذي تسببت مليشيا الحوثي بإغلاقه خلال السبع السنوات الماضية من عمر الحرب في اليمن بسبب سلوكها غير المسئول واستخدام المطار لأغراض عسكرية ورفضها كل المقترحات لفتح المطار وسيست هذه القضية الإنسانية). كما تتضمن البنود أيضًا عقد اجتماع بين الأطراف للاتفاق على فتح الطرق في تعز وغيرها من المحافظات لتحسين حرية حركة الأفراد داخل اليمن، وتعاطي الأطراف مع المبعوث الخاص بشأن مقترحات حول الخطوات القادمة نحو إنهاء الحرب.

منذ سريان الهدنة الأممية في اليمن عاد حصار الحوثي على مدينة تعز إلى الأضواء كقضية إنسانية تصدرت أولويات مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية لإنهاء معاناة ملايين المواطنين في مدينة تعز التي تحتضن 12.2 % من عدد سكان اليمن .

قامت الحكومة الشرعية بتسمية فريقها المعني بالتشاور لفتح طريق تعز ورفع الحصار عن المدينة منذ الأسبوع الأول من ابريل بموجب اتفاق الهدنة الا أن مليشيا الحوثي ظلت تماطل ولم يتم تسميه فريقها حتى عقد أول اجتماع للمشاورات بين الحكومة اليمنية والحوثيين في العاصمة الأردنية عمّان، بشأن فتح الطرق في مدينة تعز ، تنفيذاً لبنود الهدنة الأممية يوم الأربعاء 25 مايو أي بعد اكثر من شهر ونصف من بدء الهدنة التي كادت أن تقترب من نهاية موعدها المحدد بشهرين في الثاني من يونيو الماضي ، ولا يخفى على القارئ الكريم أنه والى حد الان لم يتم الخروج بأي اتفاق في هذه المشاورات لفتح حصار مدينة تعز نتيجة مماطلة ومراوغة فريق الحوثي.

التزمت الحكومة اليمنية على مدى الشهرين الماضيين بضبط النفس الا ان ما شاهدناه من ميلشيا الحوثي عكس ذلك تماما ،خروقات يومية في مختلف الجبهات تمثلت بالقصف المدفعي وحشد ونقل القوات والاستمرار في تجنيد الأطفال وتحليق وقصف بالطيران المسير نتج عنه استشهاد 72 فرداً وجرح 267 من الجيش اليمني .

أعلن المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ، يوم الخميس الموافق 2 يونيو الجاري موافقة الأطراف اليمنية على تجديد الهدنة المبرَمة بوساطة أممية. وأوضح المبعوث الأممي في بيان له، أن الاتفاق الجديد، بتمديد الهدنة وفق أحكام الاتفاقية السابقة وشروطها، دخل تمديد الهدنة حيز التنفيذ عند الساعة السابعة من مساء يوم الخميس 2 يونيو 2022 الجاري .

من المهم الإشارة ان مجلس القيادة الرئاسي برئاسة فخامة الرئيس رشاد العليمي وافق على تمديد الهدنة لشهرين إضافيين على الرغم من استمرار رفض المليشيا الحوثية رفع الحصار المفروض على مدينة تعز وذلك لأن مجلس القيادة الرئاسي والجانب الحكومي لا يقاض او يساوم أي قضية إنسانية بأخرى باعتباره مسئول عن كل مواطن يمني ويسعى للحد من معاناته التي تسببت بها ميلشيا الحوثي .

لا تفي ميلشيا الحوثي بجميع التزاماتها ليس فقط فيما يتعلق برفع الحصار عن مدينة تعز وانما أيضا في امتناعها عن دفع مرتبات الموظفين من عائدات المشتقات النفطية المستوردة عبر ميناء الحديدة بحسب ما تم الاتفاق عليه في اتفاق استكهولم ونهب تلك العوائد واستخدامها لتمويل الحرب .

لقد آن الأوان ان يتخذ المجتمع الدولي موقف أخلاقي وسياسي للوقوف الى جانب أبناء الشعب اليمني وممارسة الضغط على الحوثيين لتنفيذ التزامها بموجب بنود الهدنة برفع الحصار عن ميناء تعز خاصة وان فتح طرق تعز اصبح مطلب إنساني لرفع المعاناة عن ملايين المحاصرين منذ 7 سنوات ، بالإضافة الى دفع رواتب الموظفين من عائدات المشتقات النفطية المستوردة عبر ميناء الحديدة .

انتهى

 

نص المقال باللغة الألمانية: اضغط هنا